شهدت أسواق المعادن الثمينة تحولات ملحوظة هذا العام، مع تصدر الفضة المشهد بعد فترة طويلة من هيمنة الذهب. ففي ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي والتوترات الجيوسياسية المتزايدة، وجد المستثمرون في الفضة ملاذًا آمنًا، مما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعارها.
في منتصف أكتوبر، سجلت أسعار الفضة في سوق لندن ارتفاعًا بنسبة 70٪ منذ بداية العام، متجاوزة بذلك مكاسب الذهب التي بلغت 55٪. ويعزى هذا الارتفاع إلى عدة عوامل، من بينها تزايد الطلب على الفضة كملاذ آمن في أوقات الأزمات، واستخداماتها الصناعية المتعددة.
تعتبر الفضة موصلًا ممتازًا للكهرباء، مما يجعلها مكونًا أساسيًا في العديد من الصناعات، بما في ذلك الإلكترونيات والطاقة المتجددة. فهي تستخدم في تصنيع الدوائر الكهربائية، والخلايا الشمسية، وبطاريات السيارات الكهربائية. بالإضافة إلى ذلك، تستخدم الفضة في المجال الطبي لتغطية المعدات الطبية نظرًا لخصائصها المضادة للميكروبات.
وعلى عكس الذهب، الذي يقتصر استخدامه في الغالب على الاستثمار والمجوهرات، تتمتع الفضة بقيمة عملية تجعلها عرضة لتقلبات السوق الصناعية. فعندما يزدهر الاقتصاد العالمي، يرتفع الطلب على الفضة من قبل المصانع، مما يدفع الأسعار إلى الأعلى. وفي المقابل، عندما يلوح في الأفق الركود الاقتصادي، يلجأ المستثمرون إلى الفضة كملاذ آمن، مما يخلق طلبًا بديلاً.
على الرغم من أن مخزونات الفضة في خزائن لندن لا تزال كبيرة، إلا أنها شهدت انخفاضًا ملحوظًا منذ منتصف عام 2021، مما أدى إلى نقص في المعروض المتاح للإقراض والتسليم. وقد تفاقمت هذه المشكلة بسبب تجاوز الطلب على الفضة إنتاج المناجم لمدة أربع سنوات متتالية، مما أدى إلى تآكل المخزونات الاحتياطية.
علاوة على ذلك، جذبت صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالفضة استثمارات جديدة، مما أجبر الأمناء على شراء المزيد من الفضة المادية في ظل تقلص المعروض. وقد أدت هذه العوامل مجتمعة إلى ارتفاع أسعار الفضة وزيادة التقلبات في السوق.
تعتبر الهند من أكبر مستهلكي الفضة في العالم، حيث تلعب الفضة دورًا مهمًا في الثقافة والتقاليد الهندية. فخلال موسم الأعياد، الذي يبلغ ذروته في مهرجان ديوالي، يزداد الطلب على الفضة بشكل كبير، حيث يقوم المستهلكون بشراء المجوهرات والأواني الفضية كهدايا وزينة.
وفي هذا العام، أدى ارتفاع أسعار الذهب إلى زيادة الإقبال على الفضة، حيث يسعى تجار المجوهرات إلى تجديد مخزوناتهم. وقد أدى ذلك إلى ارتفاع واردات الفضة الهندية بشكل كبير، مما ساهم في زيادة الضغط على المعروض العالمي.
قد يؤدي استمرار ارتفاع أسعار الفضة إلى تداعيات سلبية على الصناعات التي تعتمد عليها كمادة خام أساسية. فعلى سبيل المثال، قد تواجه شركات تصنيع الألواح الشمسية صعوبات في الحفاظ على ربحيتها إذا استمرت أسعار الفضة في الارتفاع. وقد تضطر هذه الشركات إلى البحث عن بدائل أرخص للفضة، مما قد يؤثر على جودة وكفاءة منتجاتها.
يبقى السؤال المطروح هو ما إذا كان سوق الفضة سيتمكن من إيجاد توازن بين العرض والطلب، أم أنه سيواجه موجة جديدة من الشراء بدافع الذعر. سيعتمد ذلك على مدى سرعة وصول الإمدادات الجديدة إلى الخزائن، وعلى قدرة المنتجين على زيادة الإنتاج. وفي الوقت نفسه، يجب على الشركات التي تعتمد على الفضة أن تستعد لتقلبات الأسعار المحتملة وأن تبحث عن حلول بديلة لضمان استمرارية أعمالها.
تحذير بالمخاطر: تعكس هذه المقالة وجهات نظر الكاتب الشخصية فقط، ولا تمثل سوى مصدر مرجعي. كما أنها لا تُعَد نصيحة استثمارية أو توجيهًا ماليًا، ولا تُعبّر عن موقف منصة Markets.com.عند التفكير في تداول الأسهم، ومؤشرات الأسهم، والفوركس (العملات الأجنبية)، والسلع، والتنبؤ بأسعارها، فتذكر أن تداول عقود الفروقات ينطوي على درجة كبيرة من المخاطرة وقد ينتج عنه تكبد خسائر فادحة.أي أداء في الماضي لا يشير إلى أي نتائج مستقبلية. المعلومات المقدمة هي لأغراض معلوماتية فقط، ولا تشكل مشورة استثمارية. تداول عقود فروقات العملات الرقمية ومراهنات فروقات الأسعار محظور لكل العملاء الأفراد في بريطانيا.